4:49 م

تجارب النضال الطلابي بالأقاليم : السياق والراهنية

مع التردي المتواصل لوضع الطلاب-ات بالجامعة العمومية، تشتد قبضة الدولة في اتجاه تفكيك التعليم العمومي، و شل كل أشكال الرفض الطلابي ذو الطابع الأولي، بالعصا الممهدة لمزيد من الاجراءات التخريبية. وهو ما اشتد في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد إنزال المخطط ألاستعجالي. الرفض الطلابي المحلي والأولي من جهته، يختزل طاقة نضالية لا تنضب، تراوح مكانها ما لم يواكبها إبداع أجوبة نضال جديدة، مبنية على الديموقراطية، أي المشاركة الفعلية للطلاب-ات في التقرير والتسيير كمحفز على المشاركة الواسعة.
شكلت تجارب النضال الطلابي بالأقاليم في السنوات الأخيرة إحدى أوجه هذه المشاركة الطلابية الفعلية. رغم اقتصارها على جامعتي أكادير ومراكش، ورغم الإصرار العصبوي على محاربتها، و تكرار أجوبة الماضي على حاضر مغاير نوعيا. لذلك أصبح طرح سياق بروزها ودروسها ومعيقات تطورها ومواقف الفصائل الطلابية منها أمرا راهنيا. إن رجوعنا في هذه الورقة لتاريخ هذه اللجن، موجه بِهَمِّ استخلاص دروس تفيد مسعى التقدم في النضال الطلابي.
                                                            
في بروز النضال الطلابي الاقليمي :

الدولة هاجمة بغطرسة، مواصلة حربها بشكل منهجي ودؤوب في تخريب ما تبقى من مكاسب بالجامعة العمومية، مضيقة الخناق القمعي، ضد رافضي سياساتها المدمرة، المتجسدة في المعارك الطلابية المنبثقة هنا وهناك، رغم حدودها المحلية، ومطالبها الأولية، وضعف المشاركة الطلابية فيها.
تدفق النضال الطلابي المحلي هذا، يصطدم بعائق ضعف أدوات النضال الطلابي في أحسن الأحوال، وبغياب وحدتها في أسوا الأحوال. ففي الوقت الذي يتخد فيه هجوم الدولة طابعا وطنيا منظما. تقابله مقاومة طلابية محلية مطلبيا وتنظيميا. فرغم كفاحية المعارك الطلابية المحلية، تظل معطوبة، وغير قادرة حتى على الدفاع عن المطالب الأشد بساطة.
هذا الواقع المؤسف، بعين كل غيور على مصلحة الحركة الطلابية، يزداد تعمقا مع ما وصلت إليه حال الجماعات المناضل-ة بالجامعة. فباسم تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كرست تقاليد مصادرة الديمقراطية، والاستبداد بالرأي، ورفض أكثر الأشكال الديمقراطية بدائية. هذا العامل يحكم على وضع النضال الطلابي بمراوحة المكان، طالما بقي حال هذه الجماعات على ما هو عليه، وطالما يتم حرمان القاعدة العريضة من الطلبة من التقرير وتسيير نضالاتهم. لذلك أصبح ابتكار أجوبة جديدة أمرا ملحا. صيغ جماهيرية وديمقراطية، تسمح للطلاب بتسيير نضالاتهم، وتساهم في الارتقاء بوعيهم.
بسبب إلغاء تعميم المنح الجامعية سنة 1993، وانحدار أغلبية الطلاب من أصول اجتماعية فقيرة، وبعد وهامشية مناطق سكناهم، بالإضافة إلى غلاء سومات الكراء، و تكاليف المعيشة و مصاريف التنقل إلى المدن الجامعية. برزت لجان الطلاب بالأقاليم، ونخص بالذكر لجنة طلاب وطالبات إقليم طاطا بجامعتي أكادير و مراكش عبر نقاش كانت بداياته في الموسم الجامعي 1999/2000 وجد نفسه قيد التنفيذ بحفز مباشر من تجربة الطلبة الصحراويين، الذين استطاعوا انتزاع مكاسب هامة، عقب انتفاضة العيون 1999. فعقد أول جمع عام لطلاب طاطا بجامعة ابن زهر بأكادير. تمخض عن هذا الجمع العام تشكيل لجنة تتألف من مناضلين يمثلون كل مناطق الإقليم، ومذاك شرعت اللجنة في تأطير معارك نضال طلابية يشارك فيها أحيانا إضافة إلى تلاميذ و معطلي الإقليم، ساكنته، فتمكنت من انتزاع مكاسب أهمها أدينات النقل المجاني، و تعميم المنحة على طلاب الإقليم (%100) إضافة الى نسبة ثابتة سنويا من أسِرة الحي الجامعي.
في نفس السياق وبعد نجاح تجربة "لجنة طلبة طاطا"، ظهرت لجان أقاليم أخرى، "كلجنة طلاب و طالبات ورززات"، هذه الأخيرة دخلت في خطوات متقدمة خصوصا بعد نجاح إحدى معاركها في دجنبر 2000. نتج عنها بعد نقاش مع فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بورززات تأسيس لجنة التنسيق الاقليمي لطلبة و معطلي ورززات.
كان لهذه التجربة صداها في نقاشات طلاب و طالبات إقليم طاطا بجموعاتهم العامة، ورأوا ضرورة استلهام دروسها مع إضافة محور آخر في التجربة، هو التنسيق مع التلاميذ. جاء هذا في خضم المعركة المفتوحة التي خاضها طلاب و معطلي و تلاميذ طاطا خلال الموسم 2005/2006 ( 2 فبراير 2006) في مركز الإقليم، حيث ساهمت التنسيقية في تأطير معارك الساكنة مذاك إلى حدود معركة صيف 2007 ضد غلاء فواتير الماء و الكهرباء و الربط بقنوات الصرف الصحي، بالإضافة إلى معارك الأرض وتحرير المعتقلين.
تطور هذه التجارب الأولية بطاطا وورزازات، ساهم في انتزاع مكاسب مهمة، خلال معركة 2005/2006. ضمنها 6 بطائق إنعاش و بعدها 08 مناصب شغل للمعطلين . هذه الانتصارات الجزئية جعلت طلبة العديد من الأقاليم الأخرى يقتدون بالمبادرة، عن طريق تأسيس لجان خاصة بمناطقهم كزاكورة, تارودانت 2002، تغجيجت أواخر 2007، إفران الأطلس الصغير 2004, تاكونيت 2007، لاخصاص2010... امتدت هذه اللجان الطلابية الإقليمية مباشرة إلى جامعة مراكش، ورغم العرقلة التي تعرضت لها من طرف النهج الديمقراطي القاعدي استطاعت أن تفرض نفسها وتنظم طلاب المناطق.

عن ديموقراطية اللجن الطلابية بالأقاليم : لجنة طلبة-ات طاطا نموذجا

تعد مسألة ديمقراطية التسيير والتقرير في النضالات شرطا مسبقا، لاستنهاض القوة الطلابية، لكن لازال الإرث السلبي الذي تعايشت معه جماعات اليسار بالجامعة يبدد قوى النضال الطلابي بدل أن يتيح تفتحها.
في الوقت الذي يحتكر نقاش المعارك الطلابية بالجامعة، تسييرها وتنظيمها و حتى التعبئة لها، في حلقات لايحضر فيها الطلاب ولا يشاركون فيها، نظرا لاستحواذ ثلة من المناضلين على كل تلك المهام. تسير وتناقش معارك الطلاب بالأقاليم وفق أعرق التقاليد الديمقراطية في جمع عام يحضره طلاب الإقليم، يوضع له جدول أعمال محدد و يناقش فيه بأسلوب سهل بعيدا عن اللغة الخشبية التي تتميز بها الحلقات، مع إمكانية تدخل الجميع للتعبير عن وجهة نظره، ويتم اتخاذ القرارات بالأغلبية ( التوجه العام أو التصويت). كما يشارك الجميع في الإعداد للمعركة، فالكل ملزم بالتعبئة و الاقتراح. ولعل الحضور النسوي بشكله المكثف خير دليل على ذلك، حيث يلاحظ الالتفاف الكبير للطالبات حول الأشكال النضالية بالأقاليم.
تتشكل هياكل "لجنة طلبة-ات طاطا "، من لجنة مركزية تتكون من رئيس ونائبه، كاتبا ونائبه، أمينا و نائبه ومستشارين. وتتفرع عن اللجنة، لجان فرعية و هي : لجنة النقل (تهتم بدراسة المشاكل المتعلقة بالنقل و تجري حوارات مع مسؤولي النقل وتنظم الرحلات من و إلى الاقليم كما تقوم بمد اللجنة المركزية بأهم مستجداته، لجنة الحي ( ضبط الأعداد الوافدة على الحي، تمد الجمع العام بمستجداته..)، لجنة الإعلام ( تتكلف بصياغة الإعلانات و مشاريع البيانات). ويتخد الجمع العام إجراءا جزريا في حق كل من أخل بالقانون الداخلي للجنة، يصل أحيانا إلى حد الفضح و التشهير به جماهيريا كما تعتمد لوائح الحضور و الحالة الاجتماعية للطلاب عند الحسم في مكتسبات اللجنة.
إن هذه الديمقراطية في التسيير والتقرير هي التي رفعت معنويات المشاركين في اللجنة، وحفزتهم على الإستمرار وتحمل المسؤولية. فقد كان الطلبة العمود الفقري للحركة الاحتجاجية بطاطا، رفقة التلاميذ والمعطلين والساكنة، منذ 2005، بل خصبوا تلك النضالات بمنظور كفاحي، إذ تصل المعارك أحيانا إلى حد قطع حركة المرور بالطرق الرئيسية، كما هو الحال بأكدز حيث لا تزال محاكمة أربعة رفاق مستمرة، وسيحاكمون يوم 4 أكتوبر 2010. بالإضافة إلى شل الإدارات، إعتصامات، مبيت ليلي أمام العمالات و الإدارات، حلقات بالأسواق... هذه الأشكال هي السبيل الوحيد لتحقيق مكاسب جزئية تكون رافعة لاستنهاض القوة الجماعية للطلبة.
نقاط ضعف واعاقة يجب تخطيها:

بخلاف الدينامية النضالية للجنتي "طلبة-ات طاطا وورزازات"، بقيت باقي اللجان، في حدود عمل فلكلوري، بأنشطة ثقافية محدودة، وبحضور مناسباتي أيام العطل والأعياد، نظرا لعدم انخراط المناضلين الكفاحيين داخلها. ولضعف الدينامية النضالية في تلك الأقاليم عموما. واقتصار هذه اللجان على جامعتي الجنوب – أكادير في البداية، ثم مراكش- ، إضافة إلى الميول نحو الانغلاق حول الذات الإقليمية وضعف التنسيق والتضامن بين اللجن حول مطالب يفترض أن تكون مشتركة. والمحاولات المحدودة التي تمت لم تسفر عن أي تقدم.
يزيد من ضعف هذه اللجن، انحصار اهتمامها بالنقل والمنح والسكن الجامعي. فمن الضروري فتح المجال لمطالب أخرى تغني هذه النضالات وتفتح أمامها أفاقا جديدة، عوض الدوران في نفس الحلقة. وهذا ما يوضحه على سبيل المثال ضعف اهتمام اللجن بالهجوم على التعليم في جانبه البيداغوجي. وهو مطلب موحد لكل اللجن ليس فقط محليا بل وطنيا. وينضاف إلى هذه العوامل الكابحة لتطور هذه اللجن، الدور المخرب لبعض الجماعات الطلابية العصبوية. فرغم ديمقراطية أشكال نضال الطلاب بالأقاليم، و كفاحيتها و تجذرها و انغراسها حتى في أوساط الجماهير الشعبية ( قوافل التضامن التي نظمتها لجنة طلبة وطالبات طاطا خلال 2005 تضامنا مع مخيم المرضى و المهمشين)، وتحقيقها لعدة مكاسب، فإنها لم تسلم من افتراءات المعادين لها، ممن يعتبرون أنفسهم ممثلي الخط العمالي داخل الجامعة.
لا يقدم هؤلاء، أية إجابة على النضال الطلابي بالأقاليم، وليست لديهم أية وثيقة مكتوبة حول هذه اللجان. باستثناء الوعد والوعيد الذي يتخذ شتى الأشكال وشتى الألوان إلى درجة التهديد بالأدوات الحادة، لا غرابة، فينبوع الرفاق الذي لا ينضب، تسيل منه فقط الشتائم والتهديدات. لكن بعد أن فرضت تلك اللجن حقها في النضال والتواجد ضدا على رغبتهم، اضطروا مؤخرا إلى الإعتراف بها، بل والتواجد في بعضها، مع الاحتفاظ دائما بنفس الموقف و تخفيف النبرة، بشكل انتهازي. نفس السيناريو شهدته جامعة مراكش، فمن المنع من عقد التجمعات العامة للجان الإقليمية، إلى المشاركة بهذه اللجان.
هل من الصائب معاداة هذا النضال الطلابي بالأقاليم، و مواجهة رغبة جماهير غفيرة من الطلاب مختنقة ومتذمرة وقابلة بحكم واقعها الاجتماعي للتسييس، دون أي بديل عملي ملموس. إن المدافعين عن هذا المنظور، إنما يلقون بالطلبة لقمة سائغة للرجعيين. لذلك كانت فصائل الرجعية الدينية أول من سعى إلى التدخل في هذه اللجن الإقليمية وكانت بعض اللجان حتى الأمس القريب ملحقات لفصيل العدل والإحسان. إن "النعرات القبيلة"، و"الخطابات الرجعية"، التي تبرر بها هذه الجماعات العصبوبة موقفها، واقع موضوعي شئنا ذلك أم أبينا، ومهمة من يعتبر نفسه فصيلا طلابيا مناضلا، هي محاربة كل الأوهام العرقية والدينية التي تزيح وعي الطلبة ونضالهم عن سكته السليمة – ليس بالأدوات الحادة والتهجم طبعا- بل عن طريق التواجد داخل هذه اللجن، وتسييد منظور نضال حقيقي، ومحاربة كل تلك الأوهام. وقبل كل شيئ، على من يريد محاربة أوهام الطلبة، أن يتخلص أولا من أوهامه الخاصة.

من اجل تدعيم وتنسيق النضال الطلابي بالأقاليم

يشارك الطلبة الثوريون في اللجن الطلابية بالأقاليم، منذ ظهورها، بمنطق نضالي حريص على مصلحة الحركة الطلابية، ضد كل أشكال العنصرية والأوهام المبنية على أساس الدين أو اللغة. وكسب الطلبة لطريق النضال، عوض الحياد السلبي. وأيضا بربط نضال الطلبة بباقي حلقاته الشعبية، من عاطلين، وتلاميذ، وعمال وكل المكتوين بنتائج السياسات الرجعية الدولة.
لقد سعى الطلبة الثوريون منذ بروز هذه اللجان، للدفاع عنها، والتواجد داخلها، وتحمل المسؤولية في أجهزتها، والمشاركة الفعالة في جميع النضالات التي يخوضها الطلاب بالأقاليم، دفاعا عن حق المنحة والسكن الجامعي ومجانية النقل، والدفاع الحازم عن حق الطلاب في تأسيس لجن تنظم هذه النضالات في وجه كل الأطروحات العصبوية الضيقة الأفق التي تعادي نضال الطلاب بالأقاليم. والدفع بها في اتجاه تنسيق تلك النضالات مع نضالات جمعية المعطلين والحركة التلاميذية والنقابات العمالية يؤطرها شعار "النضال من أجل الحق في التعليم والشغل والتنظيم". والعمل على أن يكون هذا التنسيق رافعة للنضالات الشعبية بالأقاليم وحافزا على بناء حركة تلاميذية وطلابية ديمقراطية ومكافحة والمساهمة في فك الحصار الذي تعاني منه حركة المعطلين وفي تجاوز الأزمة التي تعرفها الحركة النقابية.
وهدفنا هو مواصلة العمل من أجل بناء لجن طلابية بالأقاليم، ديمقراطية ومستقلة، للنضال والمقاومة، و تعميمها، وتقوية التنسيق فيما بينها، و توسيع دائرة تدخلها لتشمل النضال ضد الهجوم البرجوازي على التعليم في كل أبعاده. وقد دلت تجارب لجن طاطا وورززات وزاكورة على الدور الهام الذي تلعبه النضالات بالأقاليم كرافد لاستنهاض المقاومة الطلابية، وكذا الشعبية. لا سيما أن هذه النضالات بفعل المشاركة الواسعة للطلاب بها في التقرير والتسيير من خلال التجمعات العامة، وبفعل أشكالها النضالية الكفاحية( وبالأخص تعطيل حركة المرور على الطرق الرئيسية)، وبفعل الدعم والمؤازرة الشعبية التي تحظى بها، استطاعت تحقيق العديد من المكاسب أبرزها تعميم المنح على جميع الطلاب وفرض مجانية النقل، وانتزاع الحق في الولوج للحي الجامعي.
إن مشاركة كل الطلبة المناضلين بالأقاليم في النضالات الجامعية اليوم، مسألة تطرح بجدية وإلحاح، أكثر من ذي قبل. فحرب الدولة على تعليم الكادحين تتعمق يوما بعد يوم. وعلى الرد الطلابي أيضا أن يتعمق بتوحيده وتنظيمه، و مركزته وطنيا. و أولى خطوات هذا الدرب، تبدأ بفرض ديمقراطية المعارك الإقليمية داخل الجامعات، واستثمار باقي المقومات السالفة الذكر (المطالب الوازنة، الجماهيرية، اللغة البسيطة، الديمقراطية، التنظيم، الأشكال النضالية الراقية، النضال المشترك...) لصالح إعادة بناء منظمة الطلاب أوطم.



محور من نحن وماذا نريد؟


النضال الطلابي بيـن الإقليـم والجـامـعة

سياق ظهور النضالات الإقليمية .
ما هي البدايات الأولى؟

ظهرت أولى تجارب النضال الطلابي الإقليمي بعد تجربة الطلبة الصحراوين، والمكتسبات التي حققوها في انتفاضة العيون 1999. الانتفاضة التي التقى فيها كل من الطلاب والمعطلين
والسكان على مطالب سياسية واقتصادية و اجتماعية. استطاع من خلالها الطلاب بشكل خاص تحقيق مطالب نوعية بالمقارنة مع واقع الحركة الطلابية المغربية كحق النقل المجاني ذهابا و إيابا ( 16 تأشيرة في السنة )، وكذا الحي والمنحة الجامعيين لجميع الطلبة الصحراويين.
أثر هذا بشكل كبير على منطقة طاطا، حيث بادر طلابها إلى تأسيس لجنة طلبة وطالبات طاطا في موسم 2000/2001. على نفس الشاكلة تناسلت لجان طلابية إقليمية في كل من زاكورة و أكذز، محاميد الغزلان 1999 ، تارودانت 2002 و إفران الأطلس الصغير 2004 ...

لماذا هذه المناطق بالذات ؟

يرجع ظهور هذه النضالات في هذه المناطق لتضافر مجموعة من الشروط و المميزات أهمها :
  · إثقال كاهل طلاب هذه المناطق بمصاريف إضافية ( النقل – الكراء ..) في الوقت الذي يتم فيه الإجهاز على المنح .
  · التهميش ، الإقصاء ، الفقر ، الفساد ، المحسوبية و الجفاف ...
  · وجود نسبة مهمة من مناضلي الحركة الطلابية في منطقة جغرافية واحدة ( طاطا نموذجا).
  · وجود حركة تلاميذية واعدة في بعضها.
  · التعاطي و التضامن الشعبي الذي تلاقها هذه النضالات.
تتعدد تجارب النضال الطلابي الإقليمي الناجحة التي تحتاج لدراسات و نشرات تعريفية وتوثيقه لاستخلاص أهم دروسها، لكننا اقتصرنا في هذا الكراس على تجربة ورزازات لسببين رئيسيين :
§ تواجد كتابات تعرف وتوثق لأهم محطات التجربة ( نشرات الكفاح الوحدوي ).
§ 2- مرورها من منعطفات ومراحل تستدعي الوقوف واستخلاص أهم عبرها.

تجربة ورزازات
ثروات وفساد..فقر وحرمان

تعيش ساكنة إقليم ورزازات وضعية جد مزرية حيت تفشي الفقر ، الأمية، المحسوبية و البطالة ، بالإضافة إلى تردي الخدمات الاجتماعية الأساسية من صحة وتعليم ... وقد زاد من حدة هذه الوضعية توالي سنوات الجفاف التي أثرت على الفلاحة التي تعتبر أهم مصدر لعيش السكان. مقابل هذه الوضعية فالإقليم يتوفر على ثروة مهمة ( ثلثي الثروة المعدنية على المستوى الوطني ) ،كذلك الصناعة السينمائية تدر على الإقليم أرباح خيالية.فورزازات تتوفر على أكبر إستديو سينمائي على المستوى الإفريقي، بالإضافة إلى قطاع السياحة حيث يحتوي الإقليم على عدد كبير من الفنادق الفخمة المصنفة و المئات من القصبات و المآثر التي تستقطب عدد كبيرا من السياح .
رغم ذلك لم تشفع هذه المؤهلات في تحسين وضعية السكان، وذلك راجع لسياسة ممنهجة من طرف الدولة، فكل الثروات تنهب وتستغل من طرف حفنة قليلة مشجعة بذلك الفساد والرشوة والزبونية. هذه الوضعية المتميزة بالتناقض : إقليم غني بثرواته وساكنة فقيرة ومهمشة. انعكست
بشكل كبير على طلاب المنطقة لبعدهم الجغرافي عن المواقع الجامعية،والذي يطرح بدوره أعباء إضافية كالنقل والسكن خاصة والعدد الكبير الذي يضمه الإقليم (حوالي 5000 طالب و طالبة ). مما دفع بهم إلى الانخراط في تجربة نضالية لرفع التهميش عن الإقليم واستغلال ثرواته لصالح الساكنة .

محطات وازنة..مكاسب نوعية
موسم 2000/2001

شهد هذا الموسم أولى الخطوات النضالية لطلبة وطالبات ورزازات. بدأت بجموعات عامة بكل من جامعتي ابن زهر بأكادير و القاضي عياض بمراكش. بعدها جاءت الوقفة الأولى في التجربة :17و18 دجنبر 2000 تضمنت مطالب إستعجالية ( إرجاع المنحة للطلبة ، مجانية النقل والسكن الجامعيين ) وقد سبقت هذه الوقفة تعبئة جماهيرية شملت التلاميذ ، المعطلين ، النقابات ، الأحزاب ، الجمعيات الحقوقية والثقافية. جسدت الوقفة بحي واد الذهب بحضور 100 طالب وطالبة كما عرفت تضامنا شعبيا رغم الإرهاب الممارس من طرف أجهزة القمع. بالإضافة إلى المطالب الإستعجالية رفعت مطالب أخرى تعبوية ضد إلغاء مجانية التعليم ، ضد تجريد الطالب من منحته ، من أجل مقعد لكل طفل بلغ سن التمدرس . قبل نهاية المعركة الاحتجاجية و بفعل النجاح الذي عرفته اضطر عامل الإقليم إلى استدعاء لجنة الطلبة للتحاور على الملف المطلبي الذي أسفر عما يلي :
استفاد 30 طالب من المنحة ، 13 من الحي الجامعي 5 منهم بمراكش و8 بأكادير. كما ثم إعطاء وعد بمراسلة الجهات المسؤولة لحل مشكل النقل بصفة نهائية .
كان لهذه الدينامية النضالية لهذا الموسم بأشكالها دور كبير في إعادة إحياء فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالإقليم، وكذلك طرح النقاش على ملفي الصحة والتشغيل مع باقي الإطارات و إمكانية النضال عليه.

موسم 2001/2002

حقق الطلاب في هذا الموسم قفزة نوعية وذلك بالاستمرار في النضال بواسطة لجنهم التنظيمية. وللإشارة فهذه اللجان تنتخب في إطار جموعات عامة. فكل طالب له الحق في الترشح للجنة بمصادقة الجمع العام. وكل منطقة تفرز اللجنة التي تمثلها وتنتخب أمينا ولجنة للإعلام،ومن داخل هذه اللجان يتم فرز لجنة التنسيق الإقليمي للطلبة. كما يتم تجديد هذه اللجان خلال جمع عام سنوي.
استمر النقاش مع باقي الإطارات خصوصا فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالإقليم، أدى في الأخير إلى تأسيس لجنة التنسيق الإقليمي لطلبة ومعطلي ورزازات يوم 9/9/2002 بقلعة مكونة بهدف ضم وتوحيد ضحايا سياسة التعليم و التشغيل. وكذلك توسيع الجبهة الاجتماعية للنضال. دعت هذه اللجنة إلى الانخراط في المعركة الإقليمية الموحدة زمنيا ومطلبيا و المفرقة مكانيا :بين ورزازات المدينة بمقرCDT وبولمان دادس ب CDT ابتدءا من 15/09/2002. افتتحت المعركة بمهرجان خطابي رفعت خلالها نفس المطالب: بالنسبة للطلبة ( النقل، المنحة ، الحي الجامعي ) و التشغيل بالنسبة للمعطلين. وقد سبقت المعركة تجمعات عامة بمختلف مناطق الإقليم و تعبئة جماهيرية عن طريق توزيع المناشير و توجيه الدعوات للإطارات النقابية و الحقوقية. كما رافق المعركة تحرك مختلف أجهزة القمع السرية و العلنية عبر ملاحقات
واستفزازات(اعتقال أحد الطلاب لمدة 3 ساعات )، وفي 16/09/ 2002 عرفت المعركة تحولا نوعيا بنقلها إلى خارج مقرات الاعتصام .وقد تم تحقيق مكاسب مهمة حيث استفاد 40 طالب من المنحة و8 من الحي الجامعي و النقل أغلبهم مشاركين في المعركة.

موسم2002 /2003

استمر عمل لجنة التنسيق الإقليمي لطلبة ومعطلي إقليم ورزازات على المستوى النضالي. وكذا الإشعاعي حيث ثم خوض معركة عيد الأضحى (فبراير 2003 ).تمت التعبئة في جميع المناطق، تلتها وقفات مفرقة مكانيا وموحدة مطلبيا وزمنيا ابتداء من 16/02/2003 بحضور 60 طالبا بتنغير، 160 طالب و معطل ببولمان دادس ومسيرة شعبية بقلعة مكونة ضمت حوالي 200 طالب ومعطل و تلميذ. أما سكورة فقد نظمت مسيرة بحضور حوالي 200 طالب ومعطل وتلميذ.أما ورزازات المدينة فحضر بها 60 طالب و معطل، و عرفت هذه الوقفات تضامنا شعبيا بكل المناطق و حضور أجهزة القمع بكثرة حيث تم منع مسيرة شعبية ببولمان دادس من طرف الباشا.
أسفرت هذه المعركة عن حوار مع عامل الإقليم على ملفي التشغيل للمعطلين و المنحة النقل و السكن الجامعي للطلبة كانت النتائج كما يلي:
25 منحة بالنسبة للطلبة، تخصيص 118 ألف درهم سنويا كميزانية للنقل. رغم ذلك لم ترقى المكاسب والوعود إلى حجم المعركة التي عرفت مشاركة كبيرة من طرف الطلاب و المعطلين و كذلك التضامن الشعبي الكبير.

موسم 2003/2004

اتسم هذا الموسم بالأجرة العملية للإصلاح الجامعي، وعلى هذا الأساس نظمت لجنة التنسيق الإقليمي لطلبة ومعطلي إقليم ورزازات أياما دراسية واحتجاجية 7/8/9 فبراير 2004، تحث شعار " دفاعا عن المدرسة العمومية " مسبوقة بجموعات عامة لتدارس مشاكل الطلبة، شملت هذه الأيام كل من قلعة مكونة ،سكورة و ورزازات المدينة كان مجمل الحضور في كل المناطق حوالي 340 طالب و معطل. بلغت أوجها يومي 10/11 فبراير، نظرا للتماطل الذي تعاملت به السلطات مع مطالب الطلاب. هكذا عرفت قلعة مكونة يوم 11 فبراير، تنظيم مسيرة توازت مع السوق الأسبوعي(الأربعاء)، قدر الحضور بأزيد من 1600 متظاهر، مما أرعب السلطات التي أسرعت بالاستجابة لمطالب الطلبة خاصة النقل. كما عرفت باقي مناطق الإقليم،احتجاجات موازية كاحتلال طلبة سكورة لمقر الجماعة و احتجاج الطلاب و المعطلين بورزازات المدينة ردا على تماطل السلطات في التعامل مع مطالبهم.
كانت هذه التجربة تدمج بين التكوين والفعل النضالي ،فكل الأشكال النضالية توازيها تقريبا أنشطة تكوينية وإشعاعية،حول ملفي التعليم والبطالة بالإضافة إلى مواضيع أخرى، تتناول أوجه الهجوم النيوليبرالي على الطبقة الكادحة و سبل مواجهته.كما عرف هذا الموسم حدتا نوعيا، تمثل في تنظيم أسبوع تقافي و تعريفي بالتجربة بجامعة ابن زهر أكادير، بحضور أزيد من 15 معطل،كان الهدف الأساسي فتح النقاش مع جميع الطلبة، ودراسة سبل توسيعها إلى المناطق الأخرى.

معارك بطولية.. تجاهل وقمع
موسم 2004/2005

استمر عمل لجنة التنسيق على المستوى النضالي وكذلك الإشعاعي والتكويني، بإحياء تقاليد التضامن العمالي و الشعبي من خلال مبادرة لجنة التنسيق بإطلاق قافلة تضامنية مع عمال فندق بلير المطرودين وكذلك عمال إميني المضربين. كما عرف هذا الموسم اعتصاما دام أزيد من ثلاثة أشهر، عرف أشكال نضالية مختلفة( مسيرات خارجية بطولية لفروع التنسيق الإقليمي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالإقليم، مخيم المهمشين ) اختتم بأشكال تصعيدية، سجلت تدخلا قمعيا كبيرا أدى إلى مجموعة من الإصابات في صفوف المعطلين .إلا أن هذه المعركة لقيت تجاهلا من قبل المسؤولين، مما أدى إلى إنهاك قوى المعطلين-ة- الشيء الذي أثر بشكل كبير على التجربة،معارك بطولية وغياب المناصب.نفس التعامل لقيه الطلبة في معركتي عيد الفطر وعيد الأضحى ( معارك بطولية بدون حوارات ). مما أثر على عموم الطلبة،حيث أصبح الحضور في الجموعات العامة يقتصر على بعض الطلبة والمعطلين، الذين يحملون هم النضال وبناء حركة احتجاجية بالإقليم .


جزر نضالي ..إجهاز كلي
موسم 2005/2006

عرفت التجربة تراجعا كبيرا بسبب ظهور حركة جديدة في الإقليم ( أيت غيغوش ) حيث بلورت أفكار الحركة الثقافية الأمازيغية، وذلك بتغيبها لكل ما هو نقابي و اقتصارها على الثقافي الهوياتي.كما تتعامل بكل عصبوية مع كل المكونات و المناطق الأخرى(خاصة سكورة وورزازات المدينة) . بالإضافة إلى رفضها التنسيق مع المعطلين.كما أدى انسحابها وما تلاه من تعبئة مسمومة في صفوف الطلبة المنخرطين في التجربة وغير المنخرطين إلى تشتت الطلبة بدل توحيدهم و الدفع بالتجربة إلى الأمام. كما ساهم تفكك أغلبية فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالإقليم-بسبب تجاهل المسؤولين واعتماد المقاربة الأمنية و كذا لحسابات سياسية بين مجموعة من المكونات داخل الإقليم (منع المعطلين من الاستفادة من المقرات ..)- في تراجع المد النضالي وبالتالي إجهاز كلي لعمالة الإقليم على المكاسب المنتزعة.

عودة على بدء...

2006/2007
بعد الانعطافة الكبيرة التي عرفتها التجربة، طرح النقاش من جديد بين مجموعة من المناضلين، الذين سبق لهم أن شاركوا في التجربة من قبل و كذلك بعض المناضلين الجدد، حول سبل إحياء التجربة و إعطائها نفسا جديدا.
كانت البداية بعقد لقاءات أسبوعية بين الطلاب خاصة طلبة سكورة،حيت خلص الجميع إلى ضرورة إعادة إحياء التجربة و استرجاع المكاسب التي تم الإجهاز عليها . توجت هذه اللقاءات بجمع عام تم خلاله فرز لجنة طلبة سكورة، كما حضر الجمع العام ممثلين عن طلبة ترميكت (منطقة بقرب مركز المدينة). ليتم تسطير البرنامج النضالي لمعركة عيد الأضحى ، التي ابتدأت يوم 28 دجنبر2007 قبلها تم توزيع حوالي5000 نداء على السكان (بكل من سكورة وترميكت) و كذلك مجموعة من الدعوات على الإطارات النقابية و الجمعيات التي حظرت المهرجان الخطابي المنعقد يوم04/01/2007 . تخللت المعركة أشكالا احتجاجية موازية و مختلفة:وقفات، مسيرات، قطع الطريق. لتتوج المعركة بحوار مع العمالة، حضرته لجنة طلبة سكورة وترميكت .أسفر الحوار عن تحقيق النقل لـ 270 طالب ، كما ثم أعطاء مراسلات للجهات المسؤولة عن الحي الجامعي، ووعود بالاستفادة من التطبيب (لحالات محدودة) و الإنعاش في العطلة الصيفية .
رغم المكاسب البسيطة التي تم تحقيقها، إلا أنها تعد حافزا كبيرا لمجموعة من الطلاب للسير قدما من أجل تطوير هذه المكاسب. حيث اتفق جميع المشاركين في المعركة على البحث عن السبل التي ستمكنهم من تحقيق أذينات النقل ( requisition )وذلك بتطوير أشكال الاشتغال بالنقاش مع مختلف الطلبة في باقي المناطق و كذلك إحياء تقاليد التنسيق مع المعطلين والبحث عن صيغ جديدة للنضال المشترك مع باقي مهمشي الإقليم وهذا ما سيمكن من انتزاع باقي الحقوق و وتحصين المكتسبات.

لماذا يناضل الطلاب بأقاليمهم ولا يناضلون من داخل جامعاتهم ؟

عرفت السنوات الأخيرة تنامي نضالات طلابية إقليمية بأساليب كفاحية و مطالب متجدرة عجزت الحركة الطلابية عن حملها فما بالك الدفاع عنها. كما أبانت معارك الطلاب بالأقاليم عن وعي طلابي كبير برفعها لملفات مطلبية وازنة و محددة وتجسيدها لأشكال نضالية راقية(حليقات ، مسيرات بالأسواق ، قطع الطرق ...) .

نواقص يجب الوقوف عندها:

· رغم جماهيرية هذه المعارك إلا أنها لا تعرف مشاركة جل الطلاب ( مثلا طاطا يتواجد بها تقريبا 1200 طالب يحضر منهم 500 طالب فقط ). مما يستدعي فتح نقاش واسع ومحاولة إقناع الكل بالمشاركة .
· غياب شبه كلي لنشرات وكراريس توثق و تعرف بأهم المحطات النضالية لهذه التجارب.
· غياب التنسيق بين هذه التجارب في المعارك النضالية رغم تقاربها الزمني ورفعها لملفات مطلبية واحدة.
· اقتصار هذه التجارب على مناطق و جامعات بعينها مما يستدعي فتح النقاش مع طلاب المناطق الأخرى ونقلها إلى باقي الجامعات.
وتبقى المفارقة الصارخة هي أن هذه الطاقات النضالية رغم كفاحيتها لا نكاد نراها تناضل من داخل الجامعة. وذلك لعدة أسباب أهمها :
-1 الهزائم التي راكمتها الحركة الطلابية وفقدان الثقة في النضال داخل الجامعة (عجزها مثلا عن رفع مطلب المنحة فما بالك بتحقيقه).بعكس الانتصارات التي حققتها النضالات الإقليمية (ورزازات: النقل معركة 2007 ، طاطا 7 أسرة بالحي الجامعي 2003 ، ورزازات 30 منحة معركة 2001 ...) مما يحفز الطلبة الجدد على الانخراط أكثر في النضال الإقليمي.
-2اقتصار النضال بالجامعة على مسيرات واعتصامات داخل العمادة. بخلاف نضال طلبة المناطق الذي يتخذ أشكال متجدرة: قطع الطريق ، شل الإدارات و المحطات الطرقية مسيرات ، إعتصامات، مبيت ليل أمام العمالات و الإدارات، حلقيات بالأسواق. هذه الأشكال النضالية إضافة إلى المكان الذي تتم فيه، شجع مجموعة من الطلاب و السكان على المشاركة المكثفة .
-3 عزلة النضالات الجامعية عن المحيط الخارجي،بخلاف النضالات الإقليمية التي تتميز بالانفتاح على الإطارات السياسية و الجمعوية و الحقوقية و النقابية .كما تتميز المعارك الإقليمية بالمؤازرة والمساندة من طرف أباء وأمهات الطلاب ( تحضر بعض الأمهات الخبز أو بعض المواد الغذائية لمعتصم الطلاب ). كما يقوم التلاميذ من جهتهم بالانخراط في هذه المعارك ،سواء بالحضور كمشاركين(بمطالبهم الخاصة) ،أو تفجيرهم لأخرى من داخل تانوياتهم، أو الحضور بشكل شخصي للدعم و المساندة.
-4 غياب الديمقراطية من داخل الجامعة :حيث أن نقاش المعارك وتسييرها وتنظيمها و حتى التعبئة لها يتم في حلقية لايحضر فيها الطلاب ولا يشاركون فيها .وذلك لاستحواذ ثلة من المناضلين على كل هذه المهام ، في حين يتم نقاش معارك الطلاب بالأقاليم وفق أعرق التقاليد الديمقراطية في جمع عام يحضره طلاب الإقليم ،يوضع له جدول أعمال محدد و يناقش فيه بأسلوب سهل بعيدا عن اللغة الخشبية التي تتميز بها الحقليات، مع إمكانية تدخل الجميع للتعبير عن وجهة نظره،ويتم إتخاد القرارات بالأغلبية ( التوجه العام أو التصويت ) .كما يشارك الجميع في الإعداد للمعركة فالكل مدعو للتعبئة و الاقتراح. ولعل الحضور النسوي بشكله المكثف خير دليل على ذلك ،حيث يلاحظ الالتفاف الكبير للطالبات حول الأشكال النضالية بالأقاليم.
-5 افتقار النضالات الجامعية لأبسط الأشكال التنظيمية (اللجان ، الملفات المطلبية ، المالية ، الجموعات العامة ...) على عكس النضالات الإقليمية المنظمة بشكل محكم، حيث تنبثق عن الجمع العام لجان تنظيمية لكل معركة :
*المالية: جمع الدعم و توفير الأكل و المبيت للمشاركين.
*التنسيق: الاتصال بالإطارات وطلب المساندة المادية و الإعلامية،إضافة إلى التنسيق بين طلاب مناطق الإقليم.
*الحوار : مهمتها جمع كل المعطيات المتعلقة بالملف المطلبي ودراسته.
*المتابعة: متابعة ردود الحوار.
إضافة إلى لجان أخرى كلما اقتضى الأمر ذلك( لجنة اليقظة في المبيت الليلي )وتكون هذه اللجان مسؤولة أمام الجمع العام الذي له حق المحاسبة و العزل واستبدال الأعضاء . كما تتميز المعارك الإقليمية بملف مطلبي محدد و مدروس و بمطالبه الجوهرية والتي تمس الطالب بشكل مباشر ( المنحة ، الحي ، النقل ...)، عكس الملفات المطلبية الجامعية المجهرية وغير المدروسة .
كل هذه العوامل مجتمعة إضافة إلى ما تعانيه النضالات الجامعية بأشكالها و أساليبها جعلت النضالات الطلابية الإقليمية مناسبة يجتمع فيها الطلاب ويناقشون فيها مشاكلهم ويناضلون من أجل تحقيق مكاسب و تحصين أخرى.
إن مشاركة كل الطلبة المناضلين بالأقاليم في النضالات الجامعية اليوم مسالة ملحة أكثر من أي وقت مضى . فهجوم الدولة على تعليم الكادحين يزداد يوما بعد يوم. إضافة إلى بداهة أساسية مفادها أن الرد الطلابي الحازم على هذا الهجوم يجب أن يكون موحدا ومنظما بمركزته وطنيا. إن أولى الخطوات تبدأ بفرض ديمقراطية المعارك الإقليمية داخل الجامعات واستثمار باقي المقومات السالفة الذكر (المطالب الوازنة، الجماهيرية،اللغة البسيطة، الديمقراطية، التنظيم، الأشكال النضالية الراقية، النضال المشترك...) لصالح إعادة بناء منظمة الطلاب.