أمام
المد الثوري الذي يعرف العالم العربي مقدماته، بدل التسلح بمنهج التحليل الطبقي،
يتسلح بعض الثوريين في العالم العربي بمنهج انطباعي سطحي قاد إلى تكوين صورة نمطية
حول مسار الثورات وتمظهرات القوى الطبقية وسلوك القوى السياسية ولم يسمح بتوضيح
مختلف القوى الطبقية ومصالحها، وتناقضاتها.
وهكذا فقد شكل صعود قطاعات طبقية مختلفة ومتناقضة ميدان الصراع ضد أنظمة الحكم الاستبدادية، بالنسبة لبعض الثوريين، تعبيرا عن "وحدة الشعب الطبقية" وذهب بعضهم إلى حد نفي التناقضات السياسية والإيديولوجية ونهاية الصراع الطبقي. بل إن بعضهم أبان عن استعداده لوضع سلاحه السياسي (الاستقلال الطبقي) والإيديولوجي (النظرية الثورية) بوهم الحفاظ على هذه "الوحدة الطبقية" (وحدة الشعب كما يعبر أكثرهم سذاجة).
وهكذا فقد شكل صعود قطاعات طبقية مختلفة ومتناقضة ميدان الصراع ضد أنظمة الحكم الاستبدادية، بالنسبة لبعض الثوريين، تعبيرا عن "وحدة الشعب الطبقية" وذهب بعضهم إلى حد نفي التناقضات السياسية والإيديولوجية ونهاية الصراع الطبقي. بل إن بعضهم أبان عن استعداده لوضع سلاحه السياسي (الاستقلال الطبقي) والإيديولوجي (النظرية الثورية) بوهم الحفاظ على هذه "الوحدة الطبقية" (وحدة الشعب كما يعبر أكثرهم سذاجة).
ولم
يدرك هؤلاء الثوريين أن الصعود المتزامن وبلباس موحد فوق خشبة المسرح،لا يعني أن
الممثلين سيؤدون نفس الدور، كما لا يعني أن كل الممثلين سيؤدون نفس الأدوار خلال
مختلف فصول المسرحية.
وذهب
البعض إلى حد الاعتقاد بدور ثوري للقوى الرجعية، ولم يدرك أن ظهور هذه القوى خلال
الفصل الأول بلباس الثورة لا يعني أنها ستلعب دورا ثوريا خلال الفصول اللاحقة.
وهذا ما حدث في مصر، اذ بعد تحقيق هدف إزاحة حسني مبارك عن السلطة انتقل الإخوان
المسلمون والجماعات السلفية إلى التحالف مع بقايا النظام القديم والجيش لمعارضة
تعميق مسلسل التغيير الديمقراطي، ونفس الدور يلعبه حزب النهضة الإسلامي في تونس.
تنظر هذه الرؤية الانطباعية والسطحية،إلى القوى
السياسية الرجعية من خلال لباسها "الديني" و القوى الديمقراطية
الليبرالية من خلال لباسها "الديمقراطي" ولا تنظر إليها من خلال جلدها
وعظمها الطبقي.
لم
ينفلت الثوريون المغاربة من هذه الرؤية الانطباعية والسطحية والتي من بين نتائجها
(في انتظار ما تسفر عليه المراحل القادمة من مفاجئات) عدم التمييز بين قوى التغيير
الديمقراطي والقوى المعادية للتغيير الديمقراطي، عدم التمييز بين قوى الثورة وقوى
الثورة المضادة.
فالقطاعات
الاجتماعية الشعبية التي من مصلحتها التغيير الديمقراطي (الشغيلة والعاطلين
والجماهير المفقرة) والتي تخوض نضالا اجتماعيا يعطي لمعركة التغيير الديمقراطي
مضمونها الطبقي، لا تحتل سوى مكانة ثانوية وهامشية في سياسة الثوريين الانطباعيين.
أما القطاعات الاجتماعية المتوسطة المتضررة اقتصاديا وسياسيا من تحكم الطبقية
السائدة بالسلطة والثروة والتي تخوض صراعا لا يتجاوز( على أهميته التكتيكية ) حدود
تغيير "نمط الحكم" تشكل حليفا في النضال من اجل التغيير الديمقراطي.
بل ذهب الأمر إلى حد
اندماج بعض الجماعات الثورية في كتلة واحدة مع القوى الديمقراطية الليبرالية
والقوى الدينية الرجعية، باسم وحدة المعركة ضد الاستبداد والفساد. وبهذا المعنى
يمكن اعتبار هذه الجماعات قد غيرت جلدها الطبقي للتكيف مع قوى سياسية غيرت ثوبها
الخارجي (الإصلاحي أو الرجعي) لإخفاء عظمها ولحمها الطبقي المنسوج من خلايا معادية
للتغيير الديمقراطي أو مناهضة للديمقراطية صراحة.