5:01 م

من أجل حركة طلابية مغربية ثورية قادرة على الإنتصار



إشتد هجوم الدولة على حقل التعليم وعلى حق أبناء الشعب المغربي في تعليم عمومي مجاني وجيد ، فالطبقة الحاكمة  تعلم علم اليقين أن التعليم الجيد و المواكب لمتطلبات العصر يعد سلعة ثمينة في يدها لمراكمة الثروة و إغناء جيوبها ، فالتعليم أحد أهم الأبواب المفتوحة في وجهها لإستغلال الكادحين عن طريق الإستثمار فيه للحصول على أكبر قدر من من الربح على حساب الطلبة و التلاميذ من أبناء الفقراء، لذلك نجدها مستمرة في مسلسل سياسات "إصلاح" التعليم ليتكيف مع حاجيات و متطلبات الرأسمالية و سوقها ، هذا ما يفسر حجم الهجوم الاقتصادي و الايديولوجي على التعليم الجامعي بالخصوص و حصار كل مقاومة طلابية لهذه السياسات التخريبة لحقل التعليم
.
على الرغم من كفاحية و شراسة المقاومة الطلابية بالجامعات المغربية لهجوم الدولة على التعليم ، فنضالات الحركة الطلابية المغربية يطبعها التشتت و المحلية والجزئية و قصر النفس ، إذ تغيب معارك طلابية و طنية ممركزة مطلبيا و سياسيا ، هذا ما يجعلها دور في حلقة مفرغة للدفاع عن مكتسبات الطلبة و تجرمعها أذيال الهزيمة مرة تلو الأخرى أمام هجوم الدولة المسعور على حقوق و مكتسبات الطلبة التاريخية .
لا يمكن فصل هذا التشتت و الجزئية والمحلية الذي يطبع المعارك الطلابية بالرغم من كفاحيتها و بطوليتها عن الأزمة التي سقطت فيها الحركة الطلابية المغربية منذ فشل المؤتمر 17 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، أزمة يتداخل فيها الموضوعي و الذاتي و تتحمل فيها الدولة و الفصائل الطلابية وكل التيارات السياسية داخل الجامعة و خارجها نصيبا من المسئولية .
بعيدا عن الخوض في حيثيات فشل المؤتمر17 للإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، والذي كان سببه عدم تمكن الفصائل الطلابية الممثلة في المؤتمر في الوصول إلى تسوية لخلافاتها ذات البعد السياسي و التي لم تستطع تجاوزها، هذا الفشل الذي شكل بداية سيرورة تاريخية لأزمة أوطم، و قد لعب الارهاب المسلح الذي خاضته التيارات الأصولية الدينية الرجعية ( طلبة حماعة " العدل و الاحسان" وفصيل "الوحدة و التواصل") ضد فصائل اليسار الطلابي دور رئيسيا في لفظ أوطم أخر أنفاسها ، لتدق بعد ذلك إحدى هذ التيارات الأصولية الدينية الرجعية المتمثلة في طلبة جماعة " العدل والاحسان" آخر مسمار في نعش أوطم بعد تنظيم طلابها و هيكلتهم في تنظيم طلابي وطني أطلقت عليه اسم "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" محاولة بذلك الاستيلاء على الرصيد النضالي و الإرث التاريخي لهذه النقابة الطلابية ،ليبدأ بعد ذلك الصراع على الشرعية حول من يمثل أوطم بين طلبة جماعة "العدل و الاحسان" الماضية في فرض سياسة الأمر الوقع والتتذرع بمسخ الانتخابات التي تنظمها كل سنة بإسم أوطم و بين الفصائل اليسارية الرافضة لركوب طلبة " العدل و الإحسان" على تاريخ أوطم .
لم يبقى اليوم من الإتحاد الوطني لطلبة المغرب غير الإسم ، في غياب تام لهيكل تنظيمي طلابي وطني يوحد نضالات الطلبة محليا و وطنيا، اللهم اذا أعترفنا بالمسخ الذي هيكل فيه طلبة جماعة "العدل والاحسان" أنفسهم، أما أوطم النضالات و الامجاد و الانتصارات الطلابية لا وجود لها إلا في أذهاننا كطلبة يساريين.
إن هذا الوضع الذي يتميز بغياب تام لنقابة طلابية وطنية أو اتحاد طلابي وطني يجعلنا كطلبة يساريين و ماركسيين نتساءل ما السبيل لبناء حركة طلابية مغربية ثورية تتبوء مكانتها في الدفاع عن حقوق الطلبة و في معركة التغيير الجذري بالبلد إذا ما استحضرنا الشروط التالية:
1)            فيما يخص الوضع السياسي العام بالمغرب الذي يلوح بالانفجار خصوصا بعدما تبين للجماهير الشعبية زيف شعارات " العهد الجديد" و الانتقال الديمقراطي" و بعدما فقدت كل أدوات التعاون الطبقي وديمقراطية الواجهة لمصداقيتها وعدم قدرتها على حرف السخط الشعبي واحتواء كل الانفجارات الإجتماعية ، في نفس الوقت الذي تظل فيه هذه الجماهيرالشعبية والطلابية  فاقدة للوعي السياسي و تنظيماتها الذاتية المناضلة، بالاضافة إلى تأثرهذا الوضع إيجابا وسلبا  بالسيرورة الثورية الجارية بالمنطقة، .
2)            تفجر نضالات طلابية تحمل مطالب مشتركة لكن تبقى مشتتة و متفرقة زمانا و مكانا و معزولة عما يقع خارج الجامعة من تغييرات سياسية و تقلبات في الصراع الطبقي،و تلعب الفصائل اليسارية في هذه النضالات دور المفجر و المنظم ما يفسر جحم و نوع القمع المخزني مسلط عليها.
3)            انخراط الفصائل الطلابية اليسارية في عمل وحدوي يجد أكثر تعبيراته تنظيميا في لجنة متابعة ندوة 23مارس.
4)            إعلان أغلب التيارات القاعدية موقفها في نبذها للعنف و تقوم بتجسيده ، إذا ما استثنينا طلبة فصيل "النهج الديمقراطي القاعدي الستاليني" الغارق في أزمته السياسية و النظرية ،الى جانب تسويغه وممارسته للعنف الفصائلي لتصفية الخلافات السياسية مع التيارات السياسية المختلفة معه .
5)            تراجع هيمنة القوى الدينية الرجعية على الساحة الجامعية ( طلبة العدل و الاحسان و منظمة التجديد الطلابية الذراع السياسي لحزب العدالة والتنمية) بالرغم من قوتها التنظيمية على الصعيد الوطني.
6)            عدم تبلورخط كفاحي يناضل جنبا الى جنب مع التيارات اليسارية بالجامعة داخل الحركة الثقافية الامازيغية ذات الميولات اليمينية ، الى جانب الدور الكابح للتفجر طاقات نضالية طلابية مهمة استطاعت تأطيرها بخطابها الثقافي و الهوياتي و معاداتها لليسار" المتمركس" على حد تعبيرها ، ناهيك عن عدم توفرها على برنامج سياسي تتدخل به في الحركة الطلابية و لا تتدخل في المعارك الطلابية كمكون سياسي على حد تعبير مناضليها ، بالاضافة الى سقوطها في دوامة من العنف مع احد مكونات القاعديين (ن د ق س).
 إن المهمة المطروحة علينا في نظرنا اليوم لتنظيم الفعل الطلابي محليا ووطنيا في ظل هذه الشروط و المتغيرات الآنفة الذكر، يجب أن تكون على أرضية تنظيم الفصائل الماركسية المنتسبة لخط الطبقة العاملة و المعادية للرأسمالية وذلك للسببين التاليين:
             التيارات الطلابية يتقاسمها اليمين و اليسار والتيار السلفي الرجعي ، ولا يمكن بناء نقابة طلابية أو إتحاد طلابي يجمع كل هذه التيارات المتناقضة على طول الخط من حيث البرامج و الخلفيات الإيديولوجية.
             تنظيم جبهة يسارية طلابية مناضلة ممكن لوجود بوادر جنينية ينبغي تحفيزها و تطويرها ( لجنة متابعة ندوة 23 مارس ،رسالة رفاق فاس ، برنامج اليسار التقدمي).
بالرغم من إقرارنا أن مثل هذا العمل الجبهوي بين الفصائل الطلابية الماركسية لن يكون ميكانيكيا ، ولا عملية سهلة نظرا لثقل الأمراض المستشرية وسط اليسار المغربي عامة و اليسار الطلابي خاصة، لكن نقاشا سياسيا واضح المعالم و الأهداف يمكنه فتح الطريق أمام عمل جبهوي طلابي يساري مثمر.
لقد أصبحت مسألة بناء جبهة يسارية طلابية مسألة حياة أو موت بالنسبة لمشروع توحيد الصف الطلابي و توحيد الفعل الدفاعي للطلبة تجاه الهجمة الشرسة التي تشنها الدولة على التعليم  الرامية لتسيعه و الإجهاز على حق الطلبة في تعليم عمومي و جيد و حرمانهم من مكتسباتهم التاريخية من هامش العمل النقابي والسياسي و الثقافي.
إننا نطمح لبناء جبهة يسارية طلابية تتدخل في التنظيمات الطلابية و تساهم في تطوير طرق جديدة لبناء تنظيمات طلابية أخرى و تربط بين مطالب الطلبة البسيطة و الجزئية بالمطالب السياسية العامة وتستفيد من تجارب الماضي بنجاحاتها و اخفاقاتها ، جبهة يسارية طلابية تهدف إلى البناء القاعدي في الكليات و الجامعات و تستطيع أن تنسق عمل الطلاب في مختلف الجامعات المغربية و تربط بعضها ببعض.
نحن اليوم في أمس الحاجة إلى بناء هذه الجبهة الطلابية من القاعدة إلى القمة ، وعلينا أن نتعلم من عيوب التجارب السابقة للحركة الطلابية و الحركة العمالية محليا و دوليا ، والتي كانت دائما تحاول البدء في بناء قمة الجبهة فتنتهي إلى بناء كيان صوري معزول بلا قاعدة في أماكن الدراسة و اماكن العمل ليكون مآلها في الأخير هو الزوال.
إن الهدف من الجبهة في منظورنا ، ليس هو صياغة البيانات المشتركة بين القيادات و ليس خوض مبادرات وحدوية على الصعيد المحلي أو الوطني، وليس مجرد تنسيق بين الفصائل الطلابية الماركسية حول هذه المعركة أو تلك ، بل الهدف هو بناء قوة سياسية موحدة في الجامعات المغربية تمركز نشاط هذه الفصائل المناهضة لسياسيات الدولة المخربة للتعليم و تساهم في مشروع التغيير الشامل بالمغرب.
إننا بطرح هذا المشروع الجبهوي لا نتغافل و لا نتناسى اختلافاتنا السياسية و التكتيكية ، بل نسعى بكل جرأة إلى طرحها على طاولة النقاش  و معالجتها لبورة قراءة واضحة للمهام الملقاة على عاتقنا للخروج بالحركة الطلابية المغربية من شللها الواضح و عجزها الراهن أى حركة طلابية مغربية ثورية تحمل على عاتقها هم التغيير الجذري بالبلد جنبا ألأى جنب مع الحركة العمالية و الشعبية ، إن مثل هذه الإختلافات ستلازمنا نظرا لاختلاف قراءتنا لطبيعة سيرورة الصراع الطبقي المعقدة بالمغرب و بالنظر كذلك ألى اختلاف تجارب و أصول و مرجعياتنا المختلفة ، لذلك ننشد من الوحدة الجبهوية هاته تحويل تعدد الرؤى من عامل تقسيم و تشتت إلى عامل إغناء التجربة اليسارية الطلابية.
إننا بطرح  هذه المبادرة لا نطمح فقط إلى وحدة سياسية بين الفصائل الطلابية الماركسية، بل نعتبرها خطوة أولى في مسلسل يتجه نحو الفعل و الممارسة التي يمكن ضمنها طرح جميع المسائل المتعلقة بالوحدة التنظيمية في منظمة طلابية يسارية ديمقراطية تعددية صلبة تتجاوز فيها مكوناتها النزعة العصبوية و الدغمائية الموروثة من ثقل الثرات السلبي الذي حكم و لا يزال فعل فصائل اليسار الطلابي.
إننا بهذا نرغب في بناء جبهة تنظم الفصائل الطلابية الماركسية و المنتسبة لخط الطبقة العاملة ، جبهة تكون نقطة بداية لإعادة تنظيم واسعة للقوى الطلابية المناضلة في منظمة طلابية يسارية جذرية ديمقراطية تعددية مستقلة عن اليسار الطلابي الاصلاحي والليبرالي ، منظمة طلابية يسارية تستعيد القاعدة الطلابية من التأثير السياسي للتيارات السلفية الرجعية و التيارات اليمينية والقومية ،وتقوم بأدوارايجابية في الصراع الطبقي و تربط النضالات الطلابية بالنضالات العمالية و الشعبية و تساهم في بناء اداة التغيير الديمقراطي الجذري المعادي للرأسمالية .
                                                                       سامح زكري 26/08/2013